السبت، 21 مايو 2011

أختبار مارجرجس المزاحم جمعة العطوي في القرن العاشر



بقلم: ماجد سوس
جمعة العطوي – مسلم الديانه - تزوج من مريم – مسيحية قبطية ، بعد أن خطفها وإعتدى عليها وعقد عليها بالعنف دون إرادتها وإرادة والديها، من قرية تعرف باسم الدروتين مركز طلخا دقهلية.وأنجب منها طفلا كان يأخذه معه الى المسجد حتى الثالثة من عمره وكان يلاحظ أن طباع أمه هادئة وإنها تعامل الجميع بكل حب وحنان وهي التي كانت لاتجرؤ أن تأخذه معها الى الكنيسة والتي كانت تذهب إليها يوم الأحد كلما أمكنها فعل هذا . قرر هذا الولد أن يراقب أمه و يذهب وراءها حيث تذهب وكان يشاهد كل ما يفعله الأقباط داخل كنائسهم فمتلآ قلبه بالإيمان وكان يلح على أمه أن تعطيه القربان الذي كان يقول أنه يستلذ به ويشعر براحه عندما يتناوله وبعد فترة من الزمن وفي إحدى أعياد السيدة العذراء ذهب إلى كنيسة في دمياط ليطلب العماد وإذ خاف الكهنة أن يُعمّدوه طلب منهم ألا يصرفوا مياه المعمودية، وبعد خروج الشعب خلع ثيابه وغطس في مياه المعمودية ثلاث مرات باسم الثالوث القدوس، وبإيمان عجيب شعر أنه قد صار مسيحيًا، وكان عمره لا يزيد عن 18 سنة. وبعد ذلك تزوج من ابنة القمص أبانوب راعي كنيسة مركز طلخا و لما أراد الله أن يمتحن إيمانه ، سمح أن يوقفه أمام القاضي حيث سأله: "هل أنت فلان إبن جمعه العطوي؟ ولماذا تركت الدين الإسلامي دين آبائك لتصير نصرانياً – وبدأ بتهديده بشدة - فأجابه ، لقد تنصرت علانية، فأنا لست لصًا أو قاتلاً، ولكني أعبد سيدي و إلهي يسوع المسيح، ومن أجل ذلك أسلمتني الشرطة إليك. فمهما أردت فاصنع بي، فأنا لا أهتم بتهديداتك". فلما سمع القاضي هذا الكلام امتلأ غضبًا، وأمر بأن يُطرح على الأرض ويجلدونه حتى سال دمه على الأرض. كما أمر بنهب بيته، وأخذ كل ما فيه ثم ألقوه في سجن بجوار المنصورة. وأُسلم القديس إلى سبعين من غلمانه ليمضوا به إلى شرمساح (بجوار المنصورة) فيطرحونه دون طعام أو شراب حتى يموت ثم يلقونه في النيل.
لكن الله الذي وعد بأن يجعل مع التجربة المنفذ لم يدعه يجرب فوق ما يحتمل، خلّص هذا الشاب من أيديهم. فبينما هم يجرّونه في الطريق ولم يصلوا به بعد إلى جسر مدينة الدروتين إذ بصوت صرخ في آذانهم قائلاً: "أيها الغلمان ارجعوا بهذا الرجل إلى القاضي"، فرجعوا به إلى القاضي الذي سألهم عن سبب رجوعهم فأجابوه قائلين: "أنت يا سيدي أرسلت خلفنا تطلبه". فتعجب وقال: "لم أُرسل أحدًا قط!" وفي تلك الأثناء جاء ملاك الرب وتشبه بهيئة أحد أغنياء المدينة وسأله العفو عن الشاب وخلصه من بين أيديهم ولكن رجل مسلم يدعى حمدان تقدم بطلب – بسبب نفوذه - وقال له: "لماذا تركتم هذا المتنصر الذي فضح ديننا، وأتبع غيره، فسلطني عليه وأنا أُعذبه، فإما أن يرجع وإلا قتلته فوافقت الشرطة الاسلامية على رأيه فذهب و معه مجموعه من البلطجية الى بيته حيث كان يجلس مع زوجته فحاولا الهرب فأمسكوا زوجته وأخرجوها وضربوها بالشوم إلى أن سال دمها على الأرض، ونهبوا ما بقي في بيتها، ثم ربطوها في ذنب حصان وداروا بها في كل البلدة، ولم يقدر أحد أن يخلصها من أيدهم ثم تركوها ما بين الحياة والموت و رجع الشاب متخفيا يبحث عن زوجته حتى وجدها وتأسف لها كثيرا أنه سبب لها كل هذه المتاعب وطلب منها أن تتركه خوفا على حياتها ولكنها رفضت وقالت له عهد أمام الله إني لن أفارقك كل حياتي حتى لو سُفك دمي بسببك، كما انني سعيدة بأن أتألم من أجل اسم المسيح وبعد الحاح وافقت أن تترك المدينة عدة أيام حتى يجد مكان مناسب ليعيشا معا
فلما سمع منها هذا الكلام اطمأن قلبه وشكر الله من أجل قوة إيمانها وعدم تزعزها، وقال لها: "تقوّي يا أختي بالرب لكي يجزل لكي أجرة تعبك"، ثم تركها متوجهًا إلى النواحي القبلية إلى يوفقه الرب إلى مكان مناسب ليأخذها معه ولكن ما أن وصلت الى مدينة أخرى حتى. وجدها شخص كان يعرف زوجها وهو مسلم متشدد حتى أهاج كل المسلمين عليها قائلا إن هذه الكافره جعلت شابا مسلما يتنصر وقال انها خبأته في دير القديس مقاريوس
فلما سمع أهل البلدة كلام هذا الرجل هاجوا على الزوجة ، وأخذوها بعنف، وضربوها ضربًا شديدًا، ومضوا بها إلى رجل مجرم قاتل لكي يقتلها، غير أن الرب أعطاها نعمة في عينيه ولم يفعل بها شرًا وأنقذها جماعة من المسيحيين عندما عرفوا بما حدث لها
لما سمع الزوج بما جرى لامرأته أتي إليها خفية وأخذها إلى النواحي القبلية وأتى وسكن في قرية تسمى صفط القدور (تبع مركز المحلة) حيث أقام فيها مدة من الزمان، كان يشتغل في معصرة زيت. وكان الرجل مواظبًا على العبادة المسيحية والصلاة الدائمة ليلاً ونهارًا بغيرة قوية فحسده الشيطان. فأتى صبيًا من أهل المنصورة وكان يعرف صاحب قصتنا معرفة جيدة وقد جاء ليعمل في معصرة الزيت، فعرَّف عمال المكان بقصته، وهيَّج عليه أهل المدينة، فتجمهر جماعة كبيرة – من البلطجية السلفيين - على منزله وبأيديهم سيوف وسلاح. أمسكوا بطلنا بدون رحمة، ثم ربطوا حبلاً في عنقه وطافوا به في شوارع المدينة وهم يقولون: "هذا الرجل أهان ديننا الإسلامي"، وأتى واحد منهم وضربه على رأسه فأصابها وسقط الرجل على وجهه مغشيًا عليه ولما بلغ خبره مدينة المحلة عرف أبو البشير صاحب المعصرة هناك بأن أحد عماله قُتل ،أخذ معه جماعة من أصحابه وجاء إلى صفط القدور، فرأى القديس قد استفاق مما أصابه، فخلصه من أيديهم، وطلب إليه أن يمكث عنده. ثم قال لجموع الشعب المسلم المتجمهر – بينه وبينهم - إنني سوف أمهله إلى يوم الجمعة حيث أمضي معه إلى المسجد وإذا لم يُصلي مع الناس سأحرقه حيًّا. ولما قال هذا صرفهم ولكي ينقذه الله هيأ في ذلك الوقت وجود رجل مسيحي من عمال هذا الرجل اسمه مقاره، لما علم ما جال بأفكارهم وما تحدثوا به بشأن الرجل المتنصر ، ذهب إليه مسرعًا وأخبره بذلك ونصحه أن يهرب من المكان لكي ينجو بنفسه . ذهب الى مدينة طنطا و أقام فيها مدة ثلاث سنين أصابه فيها مرض شديد وكانت زوجته تقوى إيمانه وتعزية قائلة: "كم مرة جرَّبك الشيطان وخلصك الرب يسوع بقوته من جميعها". وأما هو فلم يتضجر بل كان يسبح الله ليلاً ونهارًا. بعدها تعرف الرجل المتنصر على رجل من سمنود اسمه تادرس، ولما أعلمه بأمره فرح به وقام لساعته ومضى إلى أحد الآباء الكهنة ، الذي سمع قصته وفرح به جدا و مسحه بزيت الميرون باسم الثالوث القدوس. ولما كانت ليلة عيد مارجرجس الروماني، فكروا في تسميته "جرجس ".
ذهب جرجس مع زوجته إلى مدينة بساط حيث منزل أبيها، وكان يخدم الرب من كل القلب ويُكثر الأصوام والصلوات ويضرب في كل ليلة خمسمائة مطانية، فسُر الرب به وأراد أن يختبر الله إيمانه أكثر ففي ذات ليلة بينما كان يفكر في قلبه قائلاً: "ما حيلتي ها هنا والشيطان متسلط عليَّ بالتجارب، وكان قد إتفق مع زوجته أن يعيشا معاً بتوليان و قد شاركها بفكرة جاءته بأن يترهب ويترك العالم ويذهب الى دير القديس أبو مقار يوم نياحته وفي ذات الليلة وبينما هو كذلك غفل قليلاً فرأى رؤيا كأنه مرتفعًا إلى السماء حيث رأى مجد الرب وهناك أجلسوه عن يمين الرب، وسمع صوتًا يقول: يا جرجس تقوّ في الشهادة، وطوبى لك لأنك استحققت أن تُعد مع الشهداء القديسين، وتنال الإكليل السماوي مع الأبرار، فلا تخف فالتعب يسير والنعيم كثير ودائم . وبعد أن تصور أن الأتعاب قد إنتهت – كما نتصور نحن أحيانا كثيرة – إلا أن القصة لم تنته بل هاجم بعض الرجال بيته فلم يجدوه فأخذوا زوجته المباركة وضربوها ضربًا عظيمًا لأنها أخبرتهم بأنها لا تعرف مكانه وإذ فتشوا عليه وجدوه وطرحوه في المعتقل ثم تركوه للرعاع تنهش فيه.
اجتمع كثيرون من المسلمين وصاروا يضربونه بغير رحمة بالآلات المسنّنة، وبالشوم وفروع الشجر ، وبعضهم كانوا يرجمونه بالحجارة حتى كسروا عظامه. وكان جرجس صابرًا على هذا العذاب، ولا يفتر عن ذكر السيد المسيح وهو قائم بينهم مكتوفًا بيديه إلى الخلف أرسل الحاكم أعوانه فانتشلوه من وسط الجمع وأحضروه أمامه فقال له: "أيها الجاهل لماذا تركت عنك عبادة الإسلام دين آبائك واتبعت النصارى الكافرين؟" وكان يجلس بجانب الحاكم رجل مغربي مسلم متعصب فقام وضرب جرجس على فمه قائلاً: إسمع كلام الحاكم و سيضعك في وظيفة كبيرة ويقربك من الرئيس. أجابه القديس: "أيها المسكين المبتعد عن ملكوت الله لو أعطيتني كل ما لسيدك الرئيس ما جحدت اسم مخلصي الصالح لئلا أكون مثل يهوذا الإسخريوطي الخائن " . تقدم الرجل المغربي وطلب أن يأخذ جرجس المتنصر وبدأ يعذبه فأخذ حبلاً من الليف وربط عنق جرجس في ساري مركب، ووجهه ملتصقًا بالساري وهو موثق بالحبال من الرأس إلى القدمين، فطلب قائد حملة التعذيب أن يروه وجهه، فأمسك هذا المغربي بجرجس من عنقه وأدار رأسه إلى الخلف بعنفٍ شديدٍ.فتألم آلام شديده لا تحتمل ثم عادوا به الى الشاطيء و ألقوا به في المعتقل وقيدوا رجليه في قطعة خشب ثقيلة وفي نفس الليلة ظهر له رئيس الملائكة ميخائيل للقديس وباركه وعزّاه، وحلّ وثاقه ولمسه بجناحيه فأبرأه من كل جراحاته. ثم اختفى عنه، وقد شهد هذه الحادثة راهب مسيحي اسمه مينا من دير أبو مقار، كان مسجونًا آنذاك مع جرجس . في ثالث يومٍ من سجنه إذ كان لم يأكل طعامًا دخلت زوجته لتفتقده، فوجدته قد عُوفي من جميع آلامه التي لحقت به، ففرحت ومجّدت الله
كانوا يعذبونه إلى أن يداخلهم الشك في أنه مات فيتركونه ملقى في السجن ويذهبون لحال سبيلهم، ويعودون إليه في اليوم التالي فيجدونه مازال على قيد الحياة فيعاودون تعذيبه. واستمروا على هذا الحال حتى جاءتهم آوامر من القائد بترك جرجس وشأنه، أحد الضباط القادمين بهذا الأمر، أن اثنين من سكان القاهرة قد اعتنقا المسيحية، وأن السُلطات تركتهم وشأنهم. ولكن حدة الغضب التي كانت قد استولت على قلوب المتطرفين جعلتهم يتجاهلون أمر السلطات فذهبوا إلى السجن وقالوا لجرجس بأن عليه أن يختار بين الموت وبين إنكار المسيح والرجوع غلى الإسلام. ولكن تهديدهم ضاع هباءً، إذ أعلن لهم استعداده لتقبُّل العذاب لا الموت فقط، وعندها أخرجوه خارج البلدة وساروا به إلى شاطئ البحر وهناك ضربوه على رأسه إلى أن تحطمت، ثم قطعوا جسده ورموا بالأجزاء في البحر.
وحدث في اليوم عينه أن شماسًا كان ماشيًا عند الشاطئ، فسمع صوتًا يقول له: "يا أيها المؤمن المار على هذا الشاطئ، باسم المسيح انتظر إلى أن تقذف الأمواج إليك بجزء من جسد الشهيد جرجس. فخذه وأعطه لزوجته المباركة "سيولا". وانتظر الشماس حسب الأمر وأخذ الجزء الذي قذفت به الأمواج إلى بيته وأعطاه لأمه وأبلغها الرسالة التي سمعها، فأخذت أمه الرفات ولفته بقماش أبيض وأوصلته إلى السيدة البارة سيولا التي وضعته بدورها في بيت أبيها فترة من الزمن ثم في الكنيسة بعد ذلك، وقد جرت منه آيات وعجائب عديدة . أحبائي هذا القديس البار و الذي أذاقه المتعصبين ألوان شديده جدا من العذابات لم أذكرها جميعها منها إلقاءها للأسود الجائعة و التي كانت تركع عند رجليه كالكلاب الأليفة حتى أنهم ذبحوا حيوان ولطخوا جسد جرجس بدمائه حتى تفترسه الأسود ولكنها لم تقترب منه هذا القديس يا إخوتي هو " مزاحم جمعه العطوي " و الذي ترك الإسلام وأصبح إسمه " جرجس المزاحم " أو " مارجرجس المزاحم" وهو واحد من شهداء الأقباط الذين أستشهدوا في القرن العاشر على يد السلفيين المسلمين الذين تبعوا أسلافهم و الآن هاهم الخلف يعيدون التاريخ الإرهابي لهم وللسلف ولكن لنا هو تاريخ الحياة الأبدية وهم دون أن يدركوا يفرخوا للكنيسة قديسين عديدين عظماء وهذا هو بركات السلفيين لنا .